سورة آل عمران - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


قوله عز وجل: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرواْ سَتُغْلَبُونَ} الآية. في سبب نزول هذه الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها نزلت في قريش قبل بدر بسنة، فحقق الله قوله، وصدق رسوله، وأنجز وعده بمن قتل منهم يوم بدر، قاله ابن عباس، والضحاك.
والثاني: أنها نزلت في بني قينقاع لمَّا هلكت قريش يوم بدر، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وحذرهم مثل ما نزل بقريش، فأبوا وقالوا: لسنا كقريش الأغمار الذين لا يعرفون الناس، فأنزل الله فيهم هذه الآية، قاله قتادة، وابن إسحاق.
والثالث: أنها نزلت في عامة الكفار.
وفي الغلبة هنا قولان:
أحدهما: بالقهر والاستيلاء، إن قيل إنها خاصة.
والثاني: بظهور الحجة، إن قيل إنها عامة.
وفي {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} قولان:
أحدهما: بئس ما مهدوا لأنفسهم، قاله مجاهد.
والثاني: معناه بئس القرار، قاله الحسن.
وفي بئس وجهان: أحدهما: أنه مأخوذ من البأس، وهو الشدة.
والثاني: أنه مأخوذ من البأساء وهو الشر.
قوله عز وجل: {قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ} يعني المؤمنين من أهل بدر.
{وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} يعني مشركي قريش.
{يَرَونَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} وفي مثليهم قولان:
أحدهما: أنهم مثلان زائدان على العدد المُتَحَقِّق، فيصير العدد ثلاثة أمثال، قاله الفراء.
والثاني: هو المزيد في الرؤية، قاله الزجاج.
اختلفوا في المخاطب بهذه الرؤية على قولين:
أحدهما: أنها الفئة المؤمنة التي تقاتل في سبيل الله، بأن أراهم الله مشركي قريش يوم بدر مثلي عدد أنفسهم، لأن عدة المسلمين كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وعدة المشركين في رواية عليٍّ وابن مسعود ألف، وفي رواية عروة، وقتادة، والربيع ما بين تسعمائة إلى ألف، فقلَّلهم الله في أعينهم تقوية لنفوسهم، قاله ابن مسعود، والحسن.
والثاني: أن الفئة التي أراها الله ذلك هي الفئة الكافرة، أراهم الله المسلمين مثلي عددهم مكثراً لهم، لتضعف به قلوبهم. والآية في الفئتين هي تقليل الكثير في أعين المسلمين، وتكثير القليل في أعين المشركين، وما تقدم من الوعد بالغلبة، فتحقق، قتلاً، وأسراً، وسبياً.
{وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ} يعني من أهل طاعته. وفي التأييد وجهان:
أحدهما: أنه المعونة.
والثاني: القوة.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأبْصَارِ} فيه وجهان:
أحدهما: أن في نصرة الله لرسوله يوم بدر مع قلة أصحابه عبرة لذوي البصائر والعقول.
والثاني: أن فيما أبصره المشركون من كثرة المسلمين مع قلتهم عبرة لذوي الأعين والبصائر.


قوله عز وجل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} معنى زين: أي حُسِّن حب الشهوات، والشهوة من خَلْق الله في الإنسان، لأنها ضرورة لا يقدر على دفعها.
وفي المُزّيِّن لحب الشهوات ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه الشيطان، لأنه لا أحد أشد ذَمًّا لها من الله تعالى الذي خَلَقَها، قاله الحسن.
الثاني: تأويل أن الله زين حب الشهوات لِمَا جعله في الطبائع من المنازعة كما قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا} [الكهف: 7]، قاله الزجاج.
والثالث: أن الله زين من حبها ما حَسُن، وزين الشيطان من حبها ما قَبُح. {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} اختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل:
أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية، وهو قول معاذ بن جبل، وأبي هريرة ورواه زر بن حبيش عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القِنْطَارُ أَلفٌ وَمِائَتا أُوقِيَّةٍ».
والثاني: أنه ألف ومائتا دينار، وهو قول الضحاك، والحسن، وقد رواه الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثالث: أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار، وهو قول ابن عباس.
والرابع: أنه ثمانون ألفاً من الدراهم، أو مائة رطل من الذهب، وهو قول سعيد بن المسيب، وقتادة.
والخامس: أنه سبعون ألفاً، قاله ابن عمر، ومجاهد.
والسادس: أنه ملء مسك ثور ذهباً، قاله أبو نضرة.
والسابع: أنه المال الكثير، وهو قول الربيع.
وفي {المُقَنْطَرَةِ} خمسة أقاويل:
أحدها: أنها المضاعفة، وهو قول قتادة.
والثاني: أنها الكاملة المجتمعة.
والثالث: هي تسعة قناطير، قاله الفراء.
والرابع: هي المضروبة دراهم أو دنانير، وهو قول السدي.
والخامس: أنها المجعولة كذلك، كقولهم دراهم مدرهمة.
ويحتمل وجهاً سادساً: أن القناطير المذكورة مأخوذة من قنطرة الوادي، إما لأنها بتركها مُعَدَّة كالقناطر المعبورة، وإما لأنها معدة لوقت الحاجة، والقناطير مأخوذة من عقد الشيء وإحكامه كالقنطرة.
{وَالْخَيلِ الْمُسَوَّمَةِ} فيها خمسة تأويلات:
أحدها: أنها الراعية، قاله سعيد بن جبير، والربيع، ومنه قوله تعالى: {وفيه تسيمون} أي ترعون.
والثاني: أن المسومة الحسنة، قاله مجاهد، وعكرمة، والسدي.
والثالث: أنها المعلَّمة، قاله ابن عباس، وقتادة.
والرابع: أنها المعدة للجهاد، قاله ابن زيد.
والخامس: أنها من السيما مقصورة وممدود، قاله الحسن، قال الشاعر:
غلامٌ رماه اللهُ بالحُسْن يافعاً *** له سيمياء لا تَشُقُّ على البصر
{والأنْعَامِ} هي الإِبل، والبقر، والغنم من الضأن والمعز، ولا يقال النعم لجنس منها على الإِنفراد إلا للإِبل خاصة.
{والْحَرْثِ} هو الزرع.
ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يريد أرض الحرث لأنها أصل، ويكون الحرث بمعنى المحروث.


قوله عز وجل: {الصَّابِرِينَ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: الصابرين عما نهوا عنه من المعاصي.
والثاني: يعني في المصائب.
والثالث: الصائمين.
ويحتمل رابعاً: الصابرين عما زُيِّن للناس من حب الشهوات.
{وَالصَّادِقِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: في قولهم.
والثاني في القول والفعل والنيَّة، والصدق في القول: الإخبار بالحق، والصدق في الفعل: إتمام العمل، والصدق في النية: إمضاء العزم.
{وَالْقَانِتِينَ} فيه تأويلان:
أحدهما: يعني المطيعين، قاله قتادة.
والثاني: معناه القائمون على العبادة، قاله الزجاج.
{والْمُنفِقِينَ} فيه تأويلان:
أحدهما: في الجهاد.
والثاني: في جميع البِرِّ.
{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بالأْسْحَارِ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها يعني المصلين بالأسحار، قاله قتادة.
والثاني: أنهم المستغفرون قولاً بالأسحار يسألون الله تعالى المغفرة، قاله ابن عمر، وابن مسعود وأنس بن مالك.
والثالث: أنهم يشهدون الصبح في جماعة، قاله زيد بن أسلم. والسحر من الليل هو قبيل الفجر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8